قال السيد كيشور سينغ، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في التعليم في هذا السياق: "تمثّل حالات التفاوت المتزايدة مصدر قلق واسع النطاق في جميع أنحاء العالم، وذلك بين الأمم وفي البلدان على حدّ سواء". وحدّث اليونسكو بمناسبة الاحتفال بالذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان عن الوضع الراهن للحق في التعليم.
"تسبّب انفلات الاقتصاد اللبرالي الجديد باتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء في جميع أنحاء العالم اتساعاً كبيراً، وأصبح تأثيرها على الحق في التعليم خطراً للغاية، الأمر الذي تسبب في تفاقم أوجه التفاوت وعدم المساواة في التعليم."
ووفقاً لمقرر الأمم المتحدة الخاص السابق، فإنّ "قطاع التعليم يضطلع بدور تمكيني هام للغاية من أجل كبح تفاقم أوجه عدم المساواة، ولكن الخطوة الأولى تتمثل في زيادة فرص الانتفاع بتعليم عام جيّد كي يتسنى لجميع الأطفال الانتفاع بهذا الحق."
الإطار القانوني الدولي للحق في التعليم
وشدَّد السيد سينغ على أنّ الحق في الانتفاع بتعليم خال من أي تمييز أو استبعاد لحق شامل للجميع على الصعيد الدولي. ففي عام 1945، وقبل اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حدّد الميثاق التأسيسي لليونسكو بوضوح تفويض المنظمة والمسؤولية الملقاة على عاتق الدول الأعضاء لضمان تأمين "فرص التعليم تأميناً كاملاً متكافئاً لجميع الناس". وقد حدّدت اتفاقية اليونسكو لعام 1960 بشأن مكافحة التمييز في مجال التعليم مبدأين أساسيين فيما يتعلق بالحق في التعليم وهما تكافؤ الفرص وعدم التمييز في التعليم. وكانت هذه الاتفاقية مصدر إلهام لغيرها من اتفاقيات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان التي اعتمدت لاحقاً فيما يخص الأحكام المتعلقة بالحق في التعليم.
التعليم باعتباره منفعة عامة
قال مقرر الأمم المتحدة الخاص السابق إن الدول مُلزمة ومسؤولة عن المثول للمعايير والمبادئ الدولية، ناهيك عن مسؤولية اتخاذ تدابير تقنينية لضمان إنفاذ الحق في التعليم على أكمل وجه والحفاظ على التعليم باعتباره منفعة عامة.
إنّ الحق في التعليم لحق أساسي وضروري لضمان ممارسة حقوق الإنسان الأخرى. ويسهم إسهاماً كبيراً في انتشال الناس من الفقر وتزويدهم بالمهارات والكفاءات والقيم اللازمة ليس فقط لمصلحتهم الخاصة ولكن لمنفعة المجتمع برمته."
المحافظة على التعليم من قوى الخصخصة
أفاد السيد سينغ أنّ تفاقم خصخصة التعليم خلال العقود القليلة الماضية لمدعاة للقلق العميق، الأمر الذي يهدد مبدأ التعليم باعتباره منفعة عامة. "يؤدي استغلال التعليم لأسباب تجارية إلى تفاقم أوجه عدم المساواة في المجتمع، وحدوث انتهاكات جسيمة للمبادئ والقواعد المعنية بالحق في التعليم. وفي ظلّ هذه الظاهرة والدعاية المغرضة لتجميل فكرة الخصخصة، فبات قطاع التعليم في تدهور إثر ما تحدثه الخصخصة من شروخ وتفاوتات في المجتمع."
"تمثّل خصخصة التعليم تهديداً كبيراً أمام تحقيق جدول أعمال التعليم حتى عام 2030، ناهيك عن انتهاكها للالتزامات التي اتخذتها حكومات العالم على عاتقها لتأمين تعليم جيّد ومجانيّ، وذلك حتى المرحلة الثانوية على الأقل. "ففي المؤسسات التعليمية الخاصة التي تعود ملكيتها لأفراد أو شركات بعينهم، نرى أنّ الوضع المادي للأفراد يحدّد إمكانية انتفاعهم بالتعليم نظراً إلى الرسوم الباهظة وغير الخاضعة للتنظيم الرقابي." وشدّد على أنّ اتفاقية اليونسكو للقضاء على أشكال التمييز في التعليم وغيرها من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان تحظر أي شكل من أشكال التمييز القائم على أساس الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي. وأكّد المقرر السابق للأمم المتحدة الحاجة الماسة إلى اتخاذ تدابير تنظيمية صارمة، بالإضافة إلى فرض عقوبات على الممارسات الاحتيالية.
المخاوف المتعلقة باستخدام الأدوات الرقمية في التعليم
أقرّ السيد سينغ بالفوائد التي يعود بها استخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصالات والأدوات الرقمية لضمان الانتفاع بالمعلومات ولكنه أعرب أيضاً عن قلقه حيال "الفجوة الرقمية" وأوجه عدم المساواة الناتجة عنها.
بيد أنّه أكد أنّ هذه التكنولوجيات مجرّد وسيلة ويجب ألّا تحل مكان أساليب التدريس التقليدية والتواصل البشري لتقديم التعليم، وقد أعرب عن قلقه حيال المخاطر المتعددة التي يسببها استخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصالات والأدوات الرقمية ولا سيما فيما يتعلق بالقدرة البشرية على التركيز والتفكير.
وتمثل الأدوات الرقمية مصدراً آخر لتحقيق العائد التجاري، ولكنها قد تُستخدم للأسف بطريقة سلبية من خلال تمكين الوصول إلى المواقع الإباحية مع خطر وقوع الاعتداء أو الاستغلال الجنساني، والمضايقات على الإنترنت، ناهيك عن المضامين العدوانية والعنيفة وغيرها. فضلاً عن إسهامها في تقويض جودة التعلم."
ويعتبر السيد سينغ أن العدالة والإنصاف الاجتماعيين يمثلان مبدأين أساسيين في إطار مساعي منظومة الأمم المتحدة لتحقيق السلام والتنمية. "وينبغي أن تبقى العدالة والإنصاف الاجتماعيين في مقدمة التدابير التي تتخذها الدول من أجل ضمان حماية الحق في التعليم وتعزيزه وانتفاع جميع المواطنين به على وجه كامل ومنصف.
انضموا إلى حملة #الحق_في_التعليم لليونسكو وساهموا في التوعية بشأن هذا الحق الأساسي الذي يمتلك القوة والإمكانيات الكفيلة بتحويل حياة الناس في جميع أنحاء العالم.
URL:
https://ar.unesco.org/news/ldl-wlnsf-fy-mjtmtn-mbdan-ryysyn-ltwjyh-lml-bshn-lhq-fy-ltlym